كما أشرت في مقال سابق إلى مكر ودهاء الطائفيين فإننا نرى اليوم هذا المكر يتضح جليا في اسكات الرأي العام المحلي والقومي على ما يحدث في سوريا والعراق واليمن بحجة طائفية حاضرة على الطاولة فإن دافعت وقلت بوجوب حماية المدنيين في كوباني والحفاظ على البنى التحتية كنت مؤيدا ل (داعش) وعربي شوفيني كاره للكورد، وإن دافعت عن حلب واستنكرت تدميرها تكن مؤيدا لداعش، وإن طالبت بحماية المدنيين في حرب تحرير أو تدمير الموصل تكن مؤيدا لــ (داعش)، وإن طلبت بحماية المدنيين من قصف التحالف العربي الأعور في اليمن تكن مؤيدا للروافض وتقف ضد الشرعية، هذ باختصار ما أوصلنا إليه الطائفيون بإمتياز فأمم تباد ودولا تمحى من وجه البسيطة ولا تجد إلا القليل من الأصوات المخنوقة التي لا تجد إلا رفع مستوى صوت الأنين بشكل لا يتجاوز مواقع التواصل الإجتماعي.
فقد قسم الطائفيون الرأي العام العربي الضعيف أصلا وأسكتوه ودفنوه في مقابر مزوية عن الأنظار، وبالمقابل تقابل فرحة تدمير كوباني وتفتيت حلب واحراق الموصل وتكسير اليمن ترحيبا منقطع النظير عند أنصار الطائفيين فلا بد أن تكسر حلب ويباد أهلها المؤيدين لداعش والنصرة ويجب أن تدمر الموصل قلعة الإرهابيين السنة وملاذهم الأخير ويجب أن تدمر اليمن ومدنها لأنها منطقة التوسع الرافضي الصفوي في جزيرة العرب، وهكذا لا بد من تدمير نصف العرب احتفاءا اما بظهور الخليفة السني الحاكم بأمر الله أو مهدي الشيعة القائم بأمر الله أيضا، لهذا قد تم دفن الرأي العربي الموحد الذي كان ينتفض على نبرة صوت أحمد سعيد من إذاعة صوت العرب وهو يلهب أوار الحماس القومي عند الشعوب العربية والذي استطاع بصوته اسقاط عروش ملكية وزعزعة هدوء الانظمة الرجعية بحسب توصيفهم واستطاع ان يلجم الدول الغربية والاستعمارية عن حياض العرب لدرجة ما، فاليوم لا يحتاج الغرب إلى التدخل الخارجي ليطيح بأي أرض عربية أو يدمر أية مدينة عربية بل يكفيه أن يرسل إليها داعش أو الحوثي أو النصرة وينتهي الأمر على خير ما يرام للغرب.
ومع هذه الألعوبة القذرة في تدمير أرض العرب بيد المسلمين والعرب يخرج لك الاعلام الحكومي الطائفي الأعور الذي يتغنى بدقة أسلحة حكومته المستوردة من الغرب، رغم إن التحالف الغربي بنفسه من صنع هذا السلاح تمتلى مواقع وزارة خارجيته ببيانات الاعتذار عن الاستهداف الحاصل لمواقع المدنيين بالخطأ، فهل كنتم أيها الطائفيون أمهر من الغرب بدقة قصفكم لمواقع العدو بل يعلن التحالف الغربي بوضوح إن قصفه لمواقع المدنيين في ضربة الموصل الأخيرة كانت بناء على معلومات استخبارية عراقية بوقاحة وكأن الغرب لا يعلم أن الاستخبارات العراقية هي كالزوج المغفل فهم آخر من يعلم وكأنه لا يعلم إن الاستخبارات العراقية كحكومتها العراقية همها تحرير الموصل أيا كان الثمن المدني المراق على أرضها.
إن ما يحدث في الموصل اليوم وما حدث في حلب وكوباني واليمن بالأمس هو إبادة جماعية لا يمكن تبريرها أبدا ولا يمكن أن نقول بأن هذا الثمن هو الواجب دفعه من أجل تخليص الأرض من داعش أو من الحوثي، رغم إننا نعرف أن هذا هو النتيجة الحتمية لقتال الطائفيين الذي يرفع شعار ابادة الطائفة الأخرى وإن كان هذا الشعار يختبئ تحت ظل العلم الوطني و الغطاء الأممي بمحاربة الإرهاب الإسلامي.
وداعا أيتها الحدباء فقد كنت ثمنا لحمقنا الطائفي…